يوميات قاهري للشاعرة/جليلة رضاوَهَمَّ ليعبرَ الشارعْ .. وأفواجٌ من العَرَبَاتِ تُدنيهِ وتُقصيهِ وآلافٌ من الأقدامِ تنشرهُ وتطويهِ ولم يقرب من الإفريز رغم طريقِهِ المفزعْ وأينَ لهُ ؟ ولم يُصنع سوى لمهمةٍ أنفعْ ففوق وسادِهِ تَمتدّ كلّ قمامةِ الدنيا وأهراماتُ أحجارٍ كأهراماتِنا العُليا وأطنانٌ من الأوحالِ تقبعُ في مهاويهِ ويَهْمي الرملُ من فيِه وسار يَشُدُّ خُطْوتِهِ وتثنيه المطبّاتُ يضمُّ مشاكلَ الدنيا وتغمرهُ الخِلافاتُ وعند (محطةِ الركَّابِ) راحَ يُصارعُ الزَّحْمَة وقرص الشَّمْسِ- كالأحياءِ- جانَبَ قلبُهُ.. الرحمة ! عَبَّر عن كوامنهِ وفي أعماقه ليلُ " أقاهرةَ المُعِزِّ أَرَى ..؟ وقد أودى بها الذُّلُّ؟ " وحين ثوى بمنزله تذكَّر كلَّ ما عانى وصاحَ وقلبه يغلي : وكيف؟ ألستُ إنسانا؟! وأسرع يخلعُ الجورب ، ويمسح نعلَه الأجربْ ويغسلُ وجهَهُ الأغبر ويَنفض عنه أتربةَ الشوارعِ والميادينِ وساءل نفسَه الحيرى : " أتلك مدينة الأقزام أم وَكْرُ الشياطين؟! " وصاح: اللهُ يخسِفها .. وصاح: الله يخُفيها.. وقال .. وقال أشياءً .. إذا قيلت فلا تُكتب ونام وجسمه مُتعَب ، ونام وقلبه مُتْعب ، ونام وفكره مُتْعَب وعند الصبح لم يشعر سوى بدمائه الحية وأسرع يرتدي زيَّه وعبر السُّلَّمِ استَهدى ، تذكَّرَ ما سيلقاهُ وما بالأمسِ عاناهُ . ويومياتِه الأخرى . ونَزَّ جبينُهُ عَرَقاً ولكن .. هَزَّ كتفيه وقال :" ألفْتُ ما ألقَى .. " وعند البابِ قبّلها .. أحسَّ بحبه المُفعم .. وبالأحضانِ عانقها وبالعينين ناجاها ومن أعماقه تمتمْ : وقال: الله يحفظهِا وقال : الله يحميها وقال : الله يرعاها وَهَمَّ ليعبر الشارع |