قصائد

13/06/2010 11:55:40 ص

أسماء عزاىزة

لا أنتمي لهذا الضوء

دعوني أعدّ‮ ‬حبيبات الغبار
أعدّها إلي آخرها‮.‬
فأنا لا أنتمي لضوء الظهيرة،‮ ‬
ولا للشمس؛ تعدّها معي علي مهلٍ‮ ‬كجدة‮.‬
الذين تركوا الغبار علي حذائي المجهد من التيه
يفتحون الآن للشمس شقوق الجدار‮ ‬
ويحلبون أشعتها كما يفعل الرعاة في المحل؛
نيامًا تحت أجساد مواشيهم‮.‬

الآن،‮ ‬تكشف الشمس جبين الحطاب الذي يقطّع ذهني بفأسه‮.‬

أما أنا
فلا أنتمي لهذا الضوء،
بل للعتمة التي تقودني
إلي لحظةٍ‮ ‬أفكر فيها‮ ‬
كيف سأقطّع فأس الحطاب
وأعاود عدّ‮ ‬الغبار‮. ‬
غرب السلاسل
إلي أي‮ ‬غربٍ‮ ‬تأخذني رياح النهر؟
أنا التي وقفتُ‮ ‬برفقة أمي علي الضفة
ثم نسيتُ‮ ‬من تكون‮.‬

أينا المسافر يا نهرُ
أينا الذي حزم سلاسل ذاكرتنا الصدئة ومضي؟‮ ‬

بعد قليل،‮ ‬
سأتبع اتجاه الريح والحديد المشبع بالهواء
ولكني لن أجد أحدًا ليقول لي‮:‬
‮"‬أكلت الطحالبُ‮ ‬صدأ السلاسل‮ ‬
وغرّبتُ‮ ‬وحدي‮".‬

أينا المسافرُ‮ ‬يا نهرُ‮ ‬
أنا أَم أمي السمكة؟

مصرع وِحْدة
الفضيحة تأمرني بصحبتها
والسّر يشدّ‮ ‬خجلي من ذراعيه‮. ‬
يمشي الوجه في الفضيحة

وترقد العينان تحت سطح السرّ
تحت نظارتي الشمسية‮:‬
هي لا تحميني
من أشعة الشمس؛ بل من نظراتهم المحدّقة‮ ‬
في مؤخرات النمل علي الطريق‮.‬

تحت النظارة أسمع أصواتاً‮..‬

في بالي أن أقذف بزينة‮ "‬المحتفلين بالستين‮" ‬
أن أقرأ مع قطتي التي لم اسمّها بعد‮ ‬
أن ألعق بوظتي بشراهة‮ ‬
وأن أشتمُ‮ ‬أحداً‮ ‬بصوت عالٍ‮.‬
تكفيني‮: ‬شمس حارة،‮ ‬عدسة رخيصة،‮ ‬وعينان ضعيفتا النظر؛
حتي تتوقف الرغبةُ‮ ‬عن أن تكون رغبةً‮. ‬
أفحص أقصي الاحتمالات‮: ‬
هل لي أن أقتل ما أشاء‮ ‬
دون أن يعثر علي الجاني أحد؟
فكرتُ،‮ ‬وترددت‮: ‬
أين سأفرغ‮ ‬حمولتي الزائدة من الحرية؟
عطش
أجلس في المقهي؛ أشرب دخان سيجارة جدةٍ‮ ‬علي‮ ‬الرصيف،‮ ‬أشرب ذقن يهوديّ‮ ‬متديّن،‮ ‬أشرب ممرّ‮ ‬مشاة وخطواتهم الآمنة،‮ ‬أشرب رسائل البريد المجاور إلي بلاد العالم الأول،‮ ‬أشرب أسهم البورصة تتقافز في الهواء،‮ ‬أشرب ألوان الإشارة الضوئية‮. ‬وعندما أعطش في الليل،‮ ‬ولا أجد‮ ‬غير عزلتي،‮ ‬أشربها‮. ‬أعود صباحًا إلي المقهي،‮ ‬وأشرب قهوتي‮.‬
إعلان وفاة
الأسماك التي سبحت في دمي،
بعد صراعٍ‮ ‬مريرٍ‮ ‬مع ورمٍ‮ ‬في الذاكرة،
ماتت‮.‬

لم أذكر أنني هاتفتكَ‮ ‬قبل أن أغفو
ولم أذكر أيضًا أنك لم تُجب
لنداءات الأورام والدم‮.‬
كان صوتها يعبر الحواجز العسكرية متقطعًا؛
والجنود الصغار يفتشونه موجةً‮ ‬موجة‮.‬

الأسماك التي سجّلت علي دفتر الملاحظات‮ ‬
تاريخ اللقاء الأول،‮ ‬وشكل الطاولة المعزولة
التي جالستنا ساعاتٍ‮ ‬نتحدث عن حزبيَ‮ ‬المحروق،
احترقت هي الأخري‮.‬

لم أجد أحدًا ليسجّل تاريخ وفاتها‮.‬
الآنَ،‮ ‬لا أجد جثثها‮.‬
لا أجد‮ ‬غير دمي المتعفن
من رائحة الموت
ومن‮ ‬غيابكَ‮.‬

إحتمال
أن أشمَّ‮ ‬عطركَ‮ ‬في الهواء هو حتمًا من طبائع‮ ‬البشر لا الأسماك‮. ‬ولكنّها اليوم لم تأتني في المترو ككل مرة‮. ‬منذ الآن،‮ ‬سوف أجلس قرب الرجال فقط،‮ ‬علّها تنخر أنفي كغاز الطبخ‮. ‬ولكني كلما ذقت شيئًا منها توحّشت؛ أنهش العطور المصفوفة علي رفوف المحلات الأنيقة خفية‮. ‬أضع شيئًا منها علي رُسغي وأحرق بها ما فيّ‮ ‬من‮ "‬دي إن إي‮" ‬الأسماك‮. ‬وعندما تتبخّر أكون قد نسيت كليكما‮. ‬وأجدني فجأةً‮ ‬قِرشًا‮ ‬افترسَ‮ ‬نفْسه

وَضّاحُ‮ ‬وفَضاءُ‮ ‬البَنَفْسَج

محمد عبد السلام منصور

تتَخَطَّفُ‮ ‬عَيْناكِ‮ ‬رُوْحي
فيَلْفَحُها اللَّهَبُ‮ ‬العَذْبُ
يَأْخُذُها الخَدَرُ‮ ‬المُسْتَحِيلُ
إلي عالَمِ‮ ‬الغَيْبِ
يَنْقَدِحُ‮ ‬الحُبُّ‮ ‬في‮ ‬جَسَدَيْنا بَرِيقاً
يُكَهْرِبُ‮ ‬أعْصابَنا
نَتَماهَي،‮ ‬نَذُوبُ‮ ‬ونَفْنَي
ويَفْنَي الوُجُودُ
فتُنْعِشُ‮ ‬عَيْناكِ‮ ‬فِيْنا الهَوَي ثانِياً
ثُمَّ‮ ‬نَأْتي
علي نَجْمَةِ‮ ‬الحُبِّ‮ ‬مِلْءَ‮ ‬الحَياةِ
فتَهْجُمُ‮ ‬عَيْناكِ،‮ ‬يَخْطِفْنَني‮ ‬
‮> > >‬
جِنَّةٌ،‮ ‬أنْتِ‮ ‬خاطِفَتي
وبَهِيجٌ‮ ‬غِيابي
فلا تَرْفَعي‮ ‬الطَّرْفَ‮ ‬عَنْ‮ ‬ناظِريَّ
دَعي‮ ‬خَيْلَهُ‮ ‬عادِياتٍ
يُؤَجِّجْنَ‮ ‬نارَ‮ ‬الجَوانِحِ
واحْتَرِقي؛ تُحْرِقِيني
ضَعِينا علي اللَّهَبِ‮ ‬العَذْبِ
دَعي‮ ‬الحُبَّ‮ ‬مُشْتَعِلاً‮.‬
‮> > >‬
لِماذا التَّهَرُّبِ‮ ‬بالطَّرْفِ
قَدْ‮ ‬أحْرَقَتْ‮ ‬نارُهُ‮ ‬داخِلي‮ ‬كُلَّ‮ ‬حِصْنٍ‮ ‬وَسُورٍ
فلا تَتْرُكي‮ ‬نِعْمَةَ‮ ‬النّارِ‮ ‬والنُّورِ
فالنّارُ‮ ‬صادِقَةُ‮ ‬الحُبِّ
والنُّورُ‮ ‬يَنْبُعُ‮ ‬مِنْ‮ ‬أعْيُنٍ‮ ‬في‮ ‬الفُؤادِ
هُوَ‮ ‬الحُبُّ
ما بَيْنَنا طائِرٌ‮ ‬ذَهَبِيُّ‮ ‬المُنَي
يَتَغَنَّي فتُورِقُ‮ ‬في‮ ‬اللَّيْلِ‮ ‬أقْمارُنا
يُزْهِرُ‮ ‬الصُّبْحُ‮ ‬في‮ ‬روحِهِ
فدَعِيْنا نُغَنّي‮ ‬مَعَ‮ ‬الحُبِّ‮.. ‬هَيّا
حَرامٌ‮ ‬عَلَيْنا نُشَرِّدُهُ
وَهْوَ‮ ‬ما زالَ‮ ‬يَطْفُرُ‮ ‬في‮ ‬زَغَبٍ‮ ‬كالحَرِيرِ
أنَذْبَحُهُ؟
قَبْلَ‮ ‬أنْ‮ ‬يَتَرَنَّمَ‮ ‬في‮ ‬جَنَّةِ‮ ‬العاشِقِينَ
حَرامٌ‮ ‬عَلَيْنا‮.. ‬حَرامٌ
فلا تَهْرُبي
وانْظُري
إنَّ‮ ‬عَيْنَيْكِ‮ ‬طاغِيَتانِ‮ ‬كَما الحُبُّ
والشَّوْقُ‮ ‬فَجْرٌ‮ ‬حَزِينٌ
هُوَ‮ ‬الحُبُّ‮ ‬جاءَ‮ ‬إلَيْنا ليَحْيا
فلا تَتْرُكِيهِ‮ ‬ليَشْقَي بِنا
إنَّهُ‮ ‬جاءَ‮ ‬يَحْكُمُنا طاغِياً
إنَّهُ‮ ‬الحُبُّ‮ ‬سَيِّدَتي
قَدْ‮ ‬أتَي قَدَراً‮ ‬لا‮ ‬يَمُوتْ‮.‬
‮> > >‬
حَبِيبي‮ ‬اتَّئِدْ؛
فأنا‮ ‬يا حَبِيْبي‮ ‬مُمَلَّكَةٌ
إنَّ‮ ‬صَكّي‮ ‬غَشُومٌ‮ ‬يُذِلُّ‮ ‬النِّساءَ
وصاحِبُهُ‮ ‬مَلِكٌ‮ ‬بَدَوِيُّ‮ ‬الغَرائِز
في‮ ‬ظِلِّهِ‮ ‬يَعْصِمُ‮ ‬الجارِياتِ
مِنَ‮ ‬الحُبِّ
حينَ‮ ‬يُغارُ‮ ‬عَلَيْنا
مِنَ‮ ‬الرِّيحِ‮ ‬والظِّلِّ‮ ‬يَذْبَحُنا
ويُجَدِّدُ‮ ‬أيّامَهُ‮ ‬بالصَّبايا‮..‬
البَهِيَّةُ‮ ‬إنْ‮ ‬عَشِقَتْ‮ ‬مَرَّةً
عِنْدَهُ‮ ‬صَكُّها
وتُكَنّي بِـ(أُمِّ‮ ‬البَنِيْنْ‮)‬
إنَّهُ‮ (‬دُنْجُوانٌ‮)‬
يُذِيبُ‮ ‬الغَواني‮ ‬هَوَيً‮ ‬في‮ ‬هَواهُ
‮> > >‬
حَبِيبي‮ ‬ادْنُ‮ ‬مِنّي
إذا طَلَعَ‮ ‬الصُّبْحُ،‮ ‬شَمْساً
أوِ‮ ‬اسْقُطْ‮ ‬سُقُوطَ‮ ‬النَّدَي
أنْتَ‮ ‬صُنْدُوقُ‮ ‬رُوْحي
حَبِيبي‮ ‬ادْنُ‮ ‬مِنّي
نُسَلِّمُهُ،‮ ‬يا حَبِيبي
نَطِيرُ‮ ‬إلي جَنَّةِ‮ ‬اللهِ
نَغْسِلُ‮ ‬أيّامَنا بمِياهٍ
تَقَدَّسَها رَبُّنا بالمَحَبَّةِ
نَشْرَبُها عَذْبَةً‮ ‬كالأثِيرِ
‮> > >‬
دَنَتْ‮ ‬تَتَثَنَّي
علي جَسَدٍ‮ ‬ناصِعٍ
كفَضاءِ‮ ‬البَنَفْسَجِ
ألْقَتْ‮ ‬إليَّ‮ ‬بعَيْنَيْنِ
أشْهَي مِنَ‮ ‬العِشْقِ،‮ ‬أبْهَي
تَبَسَّمَتا فتَرَقْرَقَتِ‮ ‬الرِّيحُ
عِطْراً‮ ‬علي نَغْمَةِ‮ ‬النّايِ
واللَّيلُ‮ ‬تَسْبيحَةٌ‮ ‬في‮ ‬عُيُونِ‮ ‬الوُرُودِ
دَنَوْتُ‮ ‬إلي عَرْشِها
راعِشاً‮ ‬يتَلَعثَمُ‮ ‬حُبّي
وفَتَّحْتُ‮ ‬أشْواقَهُ‮ ‬بُرْعُماً،‮ ‬بُرعُماً
فتَلأْلأَ‮ ‬في‮ ‬مُقْلَتَيْها الهَوَي
حينَ‮ ‬أوْحَتْ‮ ‬إليَّ‮ ‬بأنْ‮ ‬قَشِّرِ‮ ‬الرُّوحَ
مِنْ‮ ‬خَوْفِها المُتَراكِمِ
واخْلَعْ‮ ‬عَنِ‮ ‬القَلْبِ‮ ‬ثَوْبَ‮ ‬الأسَي
اسْكُنْ‮ ‬إلي جَنَّةِ‮ ‬الحُبِّ
يا أجْمَلِ‮ ‬المُتْعَبِينَ
وطَهِّرْ‮ ‬فُؤادَكَ‮ ‬مِنْ‮ ‬ظُلْمَةِ‮ ‬اليَأسِ
وادْخُلْ‮ ‬إلي جَسَدي‮ ‬كَوْكَباً
دافِقَ‮ ‬الغَيْمِ
إنَّ‮ ‬تَبارِيْحَهُ
مُنْذُ‮ ‬أنْ‮ ‬جاءَ‮ ‬كانَتْ‮ ‬مُرَتَّبَةً‮ ‬لَذَّةً،‮ ‬لَذَّةً‮ ‬لهَواكَ؛
فعَلَّمَني‮ ‬كَيْفَ‮ ‬أُبْقِيهِ‮ ‬تُفّاحَةً
وأُعَتِّقُ‮ ‬مِلْءَ‮ ‬مَساماتِها
خَمْرَةَ‮ ‬العِشْقِ‮ ‬مَخْتُومَةً
لَكَ‮ ‬وَحْدَكَ‮ ‬يا سَيِّدَ‮ ‬العاشِقِينْ‮.‬

 
أنشأ هذا الموقع ويدير تحريره الكاتب الأديب مجدى شلبى